سالم مشكور
ثَلاثة أسابيع بقيت للانتخابات النيابية، ومع اقترابها يحتدم التنافس الانتخابي الذي يبدو أكثر شراسة وعنفاً من الانتخابات السابقة بسبب استخدام الجيوش الدعائية للفضاء الالكتروني بشكل أوسع. ومع التنافس تتصاعد الدعوات الى المقاطعة أو بث شعور الإحباط لدى الجمهور بما يخلق عندهم شعوراً بأن الانتخابات غير مجدية وأن النتائج محسومة سلفاً.
تتوزع دعوات المقاطعة بين ثلاث فئات، الأولى: لا تريد نجاح أية ممارسة ديمقراطية، وهي عادة ترغب أو تعمل على سلب الشرعية من نظام ما بعد 2003 ككل. هذه الفئة تقلصت كثيراً بعد دخول الكثير من المشككين بالنظام الجديد الى العملية السياسية من بوابة الانتخابات الحالية. الفئة الثانية هي الجهات السياسية التي لها جمهور محدد وثابت ومشاركته مضمونة في الانتخابات، فتبادر الى تشجيع المقاطعة ليس باسمها إنما عبر واجهات ومسميات أخرى، أو عبر حسابات وهمية على وسائل التواصل، والهدف من ذلك هو تقليل عدد الناخبين من غير جمهورها وبالتالي جعل فرصة فوز مرشحيها أكبر.
الفئة الثالثة هي الجمهور المحبط من الأداء والمتأثر بدعوات المقاطعة اعتقاداً منه أن النتائج محسومة وأن المقاطعة ستسلب شرعية الفائزين.
لا شأن لنا بالفئتين الأولى والثانية، بل أن التثقيف السياسي يجب أن يتوجه الى الفئة الثالثة.
ببساطة فإن الاعتراض على الأداء الحالي والسابق يعني التطلع الى التصحيح. كيف يتم هذا التصحيح؟. يقول البعض ان الكيانات والوجوه القديمة ستتكرر وبالتالي لا فائدة من الانتخابات لأنها ستأتي بذات الكتل والأشخاص. هذا كله صحيح، والصحيح أيضا أن قانون الانتخابات الحالي واعتماده الدوائر الصغيرة، رغم اشكالاته وسلبياته، الا انه يوفر فرصة لصعود قوى وأشخاص ما كانوا يملكون الفرصة للفوز في ظل القانون السابق، وبالتالي فان مشاركة المعترضين وتصويتهم لمرشحين جدد سيقلل من فرص مرشحي كتل لا يريدونها.
في المجال المائي يقول الخبراء إن تدفق المياه في النهر يجب أن يتجاور محددا معيناً لكي تكون مياهه صالحة للاستخدام. بمعنى أن المواد غير المرغوب فيها تصبح نسبتها قليلة وبالتالي لن يكون لها ذات التأثير الذي يسببه انخفاض معدلات تدفق الماء. نفس القاعدة يمكن اسقاطها على الانتخابات. المشاركة الواسعة تقلل من فرص من لا تريدونهم، أما المقاطعة فستساعد على ضمان فوزهم بأصوات ناخبيهم الذين سيشاركون حتما.
لا معنى للحديث عن عدم شرعية انتخابات تقلّ فيها نسبة المشاركة، لأن الامر سيعدُّ تنازلا من المقاطعين عن حقهم في الاختيار لمصلحة من سيفوز بأصوات ناخبيهم. بعد ذلك لا يحق لأحد الاعتراض.
المصدر: الصباح