تم النشر من قبل مؤسسة أكسس ناو وتمت الترجمة من قبل فريق أنسم
وسط تراجع عالمي في الديمقراطية وارتفاع في الأنظمة الاستبدادية، يواجه الناشطون والصحفيون ومدافعو حقوق الإنسان تهديدات متزايدة لعملهم في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات. وقد تم توجيه ضربة جديدة لهم من خلال الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إدارة ترامب لوقف تمويل المساعدات الخارجية والمبادرات المتعلقة بالحقوق الرقمية، مما سيجعل المجتمع المدني يعاني من نقص الموارد ويصبح أكثر عرضة للهجمات الرقمية. يستعرض هذا المقال سبب تعرض نظام الأمان الرقمي الذي يدعم المدافعين عن حقوق الإنسان للخطر الآن، وكيف يمكننا إعادة تنظيم أنفسنا وإحياء الابتكار اللازم للتغلب على هذا التحدي الوجودي.
كيف تفتح تخفيضات التمويل الباب للهجمات على المجتمع المدني
أكدت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا أنها تهدف إلى حل وكالة الولايات المتحدة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بشكل فعال. من بين العديد من الأمور الأخرى، كانت أموال USAID قد ساعدت في إبقاء الإنترنت فعالًا خلال الانتخابات والأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم، كما سمحت للصحافة المستقلة بالازدهار في بعض المناطق، وساعدت العديد من مكاتب الأمان الرقمي في دعم المجتمعات المعرضة للخطر. (يجب الإشارة إلى أن “Access Now” لم تتلق أبدًا تمويلًا من الحكومة الأمريكية لأنشطتها البرمجية.)
كما حاولت إدارة ترامب تقليص وكالة الإعلام العالمي الأمريكية بشكل كبير، متجهة إلى إلغاء تمويل المبادرات مثل “راديو أوروبا الحرة” و”راديو آسيا الحرة”، التي تدعم حرية التعبير عالميًا، و”صندوق التكنولوجيا المفتوحة” (OTF) الذي يساعد ملايين الأشخاص على التهرب من الرقابة في أماكن مثل الصين وإيران وميانمار وروسيا، على الرغم من أن التحديات القانونية قد أدت إلى استعادة بعض التمويل في الوقت الحالي. مؤخرًا، اتخذت الإدارة خطوات لتقليص تمويل الوكالة الأمريكية المسؤولة عن الأمن السيبراني.
تأثير هذه التخفيضات على نظام حقوق الإنسان أصبح بالفعل واسع الانتشار. عبر القطاع، لا تخسر المنظمات فقط الأشخاص ذوي الخبرة الذين يساعدونها في الاستعداد للهجمات الرقمية، بل أيضًا الخدمات والأجهزة التي تحتاجها لحماية نفسها وعملها. هذا سيجعل من الأسهل للحكومات المعادية أو الجهات الفاعلة السيئة اختراق أو اختراق الأنظمة في المنظمات التي لا تحبها، والوصول إلى معلومات حساسة يمكن استخدامها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمعات التي يحميها. في هذه الأثناء، تغلق بعض مكاتب الأمان الرقمي التي اعتمدت على التمويل الأمريكي لمساعدة المجتمع المدني بشكل كامل، بينما اضطرت أخرى إلى تقليص خدماتها وموظفيها للبقاء على قيد الحياة، مما يترك شركاء المجتمع المدني دون الوصول إلى دعم الخبراء الخارجي.
في النهاية، هذا يقوض قدرة النشطاء على التنظيم ومواجهة الأشخاص في السلطة، وجهود الصحفيين في كشف الحقيقة، وعمل المبلغين في توثيق وكشف انتهاكات حقوق الإنسان.
التصدي للتحدي بالتضامن والإبداع
لطالما كان لدى المجتمع المدني موارد محدودة لحماية نفسه من الهجمات الرقمية، ولكن مع اعتماد العديد من المنظمات غير الحكومية على التمويل الأمريكي والأوروبي، فإن تخفيضات التمويل الأمريكية الجذرية تسارع سباق الهبوط. في وقت كتابة هذا التقرير، أعلنت حكومات دول مثل المملكة المتحدة وهولندا وفرنسا أنها ستخفض تمويل المساعدات الدولية، جزئيًا لتمويل الإنفاق الدفاعي الإضافي. في هذه الأثناء، تقوم العديد من المؤسسات الخيرية بإعطاء الأولوية لأشكال أكثر إلحاحًا من المساعدات الإنسانية على حساب حقوق الإنسان.
من المهم أن نتذكر أنه لا يمكننا الدفاع عن الديمقراطية والحرية دون مكافحة القمع الرقمي وحماية أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان. إليكم بعض الأفكار للاستفادة من هذه اللحظة:
أولًا، ندعو الممولين والداعمين إلى تعزيز الدعم. يجب على الحكومات والمنظمات الممولة زيادة، والوفاء بالتزاماتها، لدعم الأمان الرقمي. من المهم أن نبقى مرنين ونكيف السياسات التمويلية للاستجابة بشكل أفضل للاحتياجات الكبيرة والمتزايدة للمجتمع المدني في الحماية من القمع والمراقبة والهجمات الرقمية، إلى جانب برامج الدعم الأخرى ذات الأهمية الكبيرة. إن إعطاء الأولوية لدعم حقوق الإنسان له تأثير إيجابي عبر المجتمع بأسره.
ثانيًا، نحتاج إلى زيادة مرونتنا وإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان. في السنوات القادمة، سنكون في أرض مجهولة، سياسيًا وماليًا. في هذا السياق، دعونا نفكر خارج الصندوق لإيجاد طرق جديدة لتوجيه الموارد ودعم استدامة عمل المجتمع المدني. هذا ضروري بشكل خاص للمنظمات التي تقدم المساعدات الطارئة والخدمات المنقذة للحياة، والتي تعتبر حاسمة لضمان أن المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين الاستقصائيين، والأشخاص الذين يعملون في المنظمات غير الربحية يمكنهم الوصول إلى الموارد لاستكمال عملهم في الدفاع عن الديمقراطية.
ثالثًا، بالنسبة لأولئك منا الذين يعملون في مجال حقوق الرقمية، دعونا نبني على قوتنا الجماعية وتضامننا. الشبكات مثل “مركز الاستجابة للحوادث الرقمية للمجتمع المدني” (CiviCERT) أساسية لمشاركة المعرفة والأدوات الأمنية الرقمية، وتعزيز التعاون المتبادل لضمان أن الأشخاص المحتاجين يمكنهم الوصول إلى المنظمات التي هي الأفضل لدعمهم. لقد سمحت أيضًا بظهور مكاتب جديدة ومنظمات قوية تمكنها من خدمة مجتمعاتها الخاصة، بلغتها الخاصة، وبأقل الحواجز الممكنة. بقدر الإمكان، يجب أن نحافظ على العمل الذي تم إنجازه حتى الآن، مع الاستمرار في ربط عملنا اليومي مع احتياجات وطموحات أولئك الذين ندعمهم.
في النهاية، يمكننا فقط مقاومة الهجمات المستمرة على حقوقنا وحرياتنا الأساسية من خلال التجمع معًا وممارسة ما نؤمن به. هكذا يمكننا ضمان أن يكون نظام الدعم الأمني الرقمي الذي نقدمه للمجتمع المدني قائمًا على قيم دائمة ومبادئ قائمة على الحقوق ستستمر عبر الأزمة الحالية.