تخيّل أنك تعرّضت للمساءلة في يوم ما ليس لأنك ارتكبت جرمًا يستحق العقاب، بل لجرأتك على نشر معلومة تخصّ مؤسسة حكومية، أو العكس، أنّك تمتنع عن عرض مواضيع مهمة أو طرح معلومات حساسة بسبب عدم تعضيدها بأدلة ليس من المستحيل الحصول عليها، بل لامتناع الجهات ذات العلاقة من تسهيل مهمتك في الحصول عليها.

هذا السبب وغيره من معوقات العمل الصحفي وتعطيل مبدأ الشفافية، دفع بصحفيين وناشطين للسعي إلى إزاحة هذه العوائق من خلال تقديم مسودة لقانون يضمن حق الحصول على المعلومة لوضع البرلمان العراقي أمام مسؤولياته التشريعية لإقرار هذا القانون.

في هذا السياق، تقول ذكرى سرسم، التي تساهم في إعداد مشروع القانون في حديثها لشبكة الصحفيين الدوليين: “تكمن أهمية المعلومة في دعمها للشفافية وتقليل الفساد وتشديد الرقابة الشعبية من خلال مكاشفة الجمهور بالحقائق والمعلومات الموثقة ومعالجة مكامن الخلل في عمل المؤسسات الحكومية، لذلك هناك ورش تدريبية لصحفيين ومناصرين وبشراكة مع مؤسسة الاعلام الدولي” .

لماذا هذا القانون؟

وردًا على سؤال حول أسباب العمل على هذا القانون، أجابت سرسم: “إنّ هذا الحق يمثل مصداقية الدول في احترام حقوق مواطنيها كونه من الحقوق المدنية والسياسية، فإذا تمكن الفرد في ممارسة هذا الحق، سيتمكن بالتالي من الوصول الى كل المعلومات والبيانات والملفات المتعلقة برسم سياسات البلد وأداء الإدارات الحكومية بجميع مؤسساتها وهيئاتها ووزاراتها”.

ويعدّ هذا القانون من أدوات محاربة الفساد في معظم دول العالم المتقدم وحتى بعض دول العربية لأنه في حال تشريعه سيسهم في:

– تجريم إخفاء معلومات وبيانات ومحاسبة المتسترين على الفساد.

– تمكين تحديد الفساد والهدر الخفي بغطاء السرية.

– المعلومة  لن تبقى حصراً لذوي الامتيازات السياسية ليمارسوا بها سياسات التهديد والرشوى.

– توفر المعلومة بشكل حر جهاراً يحد من تفشي الفساد.

– فضح الفاسد مهما كان منصبه بشكل قانوني.

– توفير حماية قانونية لكاشفي الفساد.

– تفعيل دور الاعلام والصحفيين لتكون السلطة الرابعة رقيبة على الاداء الحكومي.

تشريعات لتصفية الخصوم!

من جهته، رأى حيدر حمزوز رئيس شبكة المدونين العراقيين (INSM) في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين أنّ “حق الوصول إلى المعلومة يعتبر حقًا أصيلًا للإنسان وليس للصحفي فقط”، مبينًا انّ “عمل الصحفي والمدون يعتمد على البحث عن هذه المعلومة وعلى الدولة توفير كافة السبل والأدوات اللازمة عبر قوانينها لتكون شفافة في توفير كل البيانات اللازمة لعمل الصحفي من أجل إتمام عمله لتحليل هذه البيانات وفي النهاية تقويم عمل مؤسسات الدولة”.

وأوضح أنّ “الحكومات التي تلجأ إلى حجب المعلومات عن المواطن بشكل عام والصحفي والمدون بشكل خاص هي حكومة تخفي شيئاً وتخاف من الصحفي رغم أنه لا يملك سوى قلمه ليعبر عنه”.

وأبدى حمزوز خشيته من تشريع قانون آخر يتعارض مع حق الحصول على المعلومة، يكون تحت مظلة قانون جرائم المعلوماتية او المسمى الجديد له (قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية)، مؤكدًا أنه “سيعمل على تقييد حرية التعبير على الإنترنت كما أنّه من الممكن استخدامه لتصفية الخصوم قانونياً وخصوصاً الناشطين عبر الإنترنت”.

وأشار أيضًا الى تجارب عراقية كثيرة لسوء تطبيق القوانين، مبينًا أنه “أحيانًا توجد قوانين جيدة من الناحية النظرية ولكن الخطورة تكمن بسوء التطبيق في الجانب العملي من دون وجود محاسبة للمقصر”، متسائلًا: “هل تملك مؤسسات الدولة والجانب القضائي  الكفاءات اللازمة فنياً والمدربة بشكل عال لتحليل القضايا الرقمية المحالة لهم وبالتالي يدرك القاضي حيثيات القضية من النواحي الرقمية لاتخاذ المناسب؟”.

تسريب وثائق

من جانبهم، انتقد صحفيون يعملون بمؤسسات صحفية تسريب المعلومة عبر مواقع التواصل، في حين يجري منع وصولها إلى الصحافة، ما يعني أنّ هناك أطرافًا لديها مناصب مهمة تلجأ لتسقيط الخصوم عبر نشر المعلومات على المواقع الاجتماعية من خلال تسريب وثائق مهمة وأحيانًا مكتوب عليها “سري للغاية”، إلا أنها تجدها متداولة ومتناقلة، فيما يتم منع تزويد الصحفي المعروف بالمعلومة وبما يحتاجه من وثائق أو عدم تعاون المعنيين معه ورفض التصريح أو التملص من الرد على حادثة معينة وغير ذلك من الأشكال.

نبيل الجبوري هو مراسل صحفي وعضو بنقابة الصحفيين العراقيين. حاصل على شهادة في الإعلام.

الصورة الرئيسية بعدسة نبيل الجبوري

المصدر: شبكة الصحفيين الدوليين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *